قالَتْ لي صديقتي: لدي دورةٌ سأقدِّمها في عددٍ من الأماكن وعددٍ من المدن.
سألتُها: حول أيِّ شيءٍ هذه الدورة؟
قالت: عن الحياة الزوجيَّة.
قلت: جميلٌ وجيِّدٌ أنْ تُقام مثل هذه الدورات لتوعِيَة الفتيات المُقبِلات على الزواج، والمتزوِّجات وغير ذلك، وهل يُوجَد مثلها للرجال؟
قالت: بالطبع.
قلتُ: عين الصواب، ولكن لديَّ اقتراحٌ مُكوَّن من محورَيْن، أتمنَّى أنْ يُضافَا إلى مَحاوِر دورتك، بل أنْ يكونا محورَيْها الأوَّل والثاني، وأنْ تُجرَى بعدهما تدريبات عمليَّة، فإذا نجح المتدرِّبون في ذلك فإنَّ نجاحهم في الحياة الزوجيَّة مُحقَّق بإذن الله خاصَّة مع دوراتك الممتازَة.
نظرَتْ إليَّ في فضولٍ: أنْ تابعي.
قلتُ: المسؤوليَّة، معناها، التزاماتك كمسؤول، ماذا يَربَح مَن يتحلَّى بها؟ وماذا يخسر مَن يتخلَّى عنها؟ نماذج وأمثلة في المسؤوليَّة، ودورها في نَجاح الرسالة أو المهمَّة التي يَسعَى لها، وغير ذلك ممَّا يندَرِج تحتَه.
إبتسمَتْ صديقتي وسألَتْ: على رِسلِك، تبدو عليك الثورة، إهدئي وأفهِمِيني الرابط بينهما، بين دورات الحياة الزوجيَّة والمسؤوليَّة.
قلتُ وقد ازداد إنفعالي: أليس الزواج عقدًا بين شريكَيْن، وبعد سنةٍ أو أكثر يَزداد الشُّرَكاء، وربما وصَلُوا إلى عشرةٍ أو أكثر؟ ثم أليس العقد التِزامًا ومِيثاقًا ومسؤوليَّة وأمانة؟!
قالت: أردت أنْ تقولي: إنَّهم إذا فهموا المسؤوليَّة وأحسُّوا بها وتدرَّبوا عليها، فإنهم سيَنجَحون في رِعاية الحياة الزوجيَّة؟
إبتسمتُ وقلتُ: أحسنت، فمَن لديه شعور المسؤولية، وبعد توعيته بالحياة الزوجية وحقوقها فإنَّه سيَرعَى بيته وأسرته ويُحافِظ عليهما، ألم يربط الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بين الرِّعاية والمسؤوليَّة، «كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيَّته»؟
قالت: معكِ حقٌّ.
قلتُ لها: هل يتَّسِع صدرك للمزيد؟
قالت: أوسعه لك.
قلت: انظُرِي من النافذة إلى ذلك الجبل الجميل المتين الراسخ المُتقَن، لو وضعنا في قاعدته المسؤوليَّة، وفي منتصفه الإتقان، وفي قمته نجاح الزواج.
سألت: الإتقان؟!
قلت واثقةً: نعم، الإتقان، فإنَّ مَن يتمتَّع بخلق المسؤوليَّة، سيَحرِص على إتقان عمله، ومَن تحلَّى بهما فإنَّه ناجِحٌ في زَواجِه، صحيح أم ماذا؟
تابعت دون أنْ تُؤكِّد لي صحَّة النظريَّة: وعدم النَّجاح بعد ذلك يبقى حالاتٍ شاذَّة.
إستفسرت أتأكَّد: المقصود من النجاح في الزواج في دورتك: هو إستمرار السعادة في الحياة الزوجية وليس مجرَّد إستمرارها؟
قالت: نعم، إستِمرار النَّجاح في الزواج، أو استِمرار الزَّواج في نجاح.
قلت لها: رائع.
والآن، ما رأيك بمشروب؟ وهل تريدينه باردًا أم ساخنًا؟
قالت: تذكرتِ أخيرًا أنَّني ضيفتك!
أرجو أنْ تكوني مسؤولةً عن إعداد مشروب ساخن كسخونة حوارك، ولا تنسي أنْ تُتقِني صنعَه لو سمحتِ، وسأقيِّم مستوى نجاحك في ذلك، علمًا بأنَّني أريد أنْ أشرَبَه على قمَّة ذلك الجبل، لأعيش الحالة والتجربة.
ضحكتُ وتوجَّهت إلى المطبخ، فسمعتها تقول:
أُعَلِّمُهُ الرِّمَايَةَ كُلَّ يَوْمٍ *** فَلَمَّا اشْتَدَّ سَاعِدُهُ رَمَانِي
قلت لها: لا بأس، أنا أستحقُّ ما يجري لي، وأرجو أن أنجح في مهمتي.
الكاتب: إيمان شراب.
المصدر: موقع منبر الداعيات.